ملحوظات على هامش سوق القاهرة للكتاب

صديق روائى أعطانى ورقة فيها أسماء كتب من العناوين الهلس الجديدة، وقالى شوف بنتى طالبه تشترى وتقرا أيه من معرض الكتاب، على آخر الزمن بنتى أنا تقرا الكلام ده. القايمة زفت الصراحة أولها هيبتا وآخرها إنستا حياه. وطبعا المعرض السنة دى بيكرر الحضور الجماهيرى الفزيع لكتاب زاب ثروت مع كتاب وليد ديدا واللى هو مغنى راب أصلا زى زاب.
وليا بعض الملحوظات على الموضوع دا بأكمله.
أولا: لازم نعترف أن الحدث اللى بيحصل فى أرض المعارض كل سنه؛ ليس معرض كتاب دولى، إنما هو سوق كتاب محلى شعبى، ودا فى حد ذاته مش عيب.
ثانيا: كل كاتب تعدى عمرة الثلاثون، لا ينكر أن بدايته قراءة روايات أدهم صبرى والمكتب رقم 19 والمغامرون الخمسة، ومحدش يقدر ينكر منا دلوقت أن الروايات دى بالنسبة لوعينا وكتابتنا وقراءتنا كانت مجرد هلس.
ثالثا: لو كتاب واحد جاب ألف شاب لمعرض الكتاب بس لمده يوم واحد، بصراحة أرفع له القبعة، مش عشان نجاحه فى التسويق، تؤ، عشان، دخل الشباب دول لمكان أول مره يدخلوه.
رابعا: والنبى بلاش الظياط، كل واحد يدخل يقولك باع 5000 نسخة فى حفل توقيع 3 ساعات، ليه يا عم الحاج، دا أكبر جناح فى المعرض (أقصد السوق) مفيهوش خمس تلاف كتاب، وكمان دا إحنا لو جبنا مازنجر بذات نفسيتة مش هيعرف يبيع العدد دا فى 3 ساعات، أرحمونا والنبى.
خامسا: قلت قبل كدا القارئ المصرى عنده مراهقة ثقافية، يعنى إحنا إتسحلنا بروايات عبير ورجل المستحيل وكبرنا ووعينا أتفتح لغاية ما بنقرا لسرماجو وماركيز وأكتر. لكن الشاب الأن بيقرا تلك النوعية وبيفضل معاها علطول، لعدة أسباب أولها أن مفيش حد بيرشده وثانيا معظم المثقفين بيكتفوا بتحقير تلك الكتابات وقرائها والظاهرة بأكملها مما يؤدى أن الشاب بيفضل هناك ولا يخرج من دائرة المراهقة الثقافية.
سادسا: والنبى أى حد مزعله الكتب دى، يروح يزور قاعة ألمانيا ب، يبص على العناوين الوهابية فى السحر والشعوذة وعذاب القبر ويبص كمان على الناس اللى خارجة ومحملة شنط سفر بعجل ممتلئة بالكتب.
سابعا: هندخل فى دايرة مفرغة من الأتهامات والتى لا تمت بصلة للموضوع من أول ثورة 25 يناير والوضع المنحدر للثقافة فى مصر لغاية السوشيال ميديا والبست سيلر، لغاية إمتى هنفضل نهاتى : النشر صناعة، قائمة على العرض والطلب والمبيعات. ولازم نفصل بين النشر كمهنة ووضع الكتاب فى مصر ككل. ويكون فى علم الجميع أن أكبر دور النشر بتنشر هلس برضو، لكن بنشر عناوين قيمة تحسن صورتها أمام الرأى العام الثقافى.
ثامنا: الكلام بتاع الزمن هيفرز، ملوش أى تلاتين لازمه، مش بس عشان مكرر وبدون أى دليل، عشان مش الزمن اللى هيفرز، القراء هما اللى هيفرزوا، بمعنى يكون عندنا ثقة شويتين فى القراء، يعنى الخمسة ألاف واحد اللى أشتروا الكتاب، ممكن منهم يقرا صفحتين ويرمى الكتاب، وشويه يحرموا يضيعوا فلوسهم وشويه تانين هيفكر ألف مرة قبل ما يشترى كتاب، واللى مش هيعرف، أكيد هيقع فى يدة مثلا رباعيات صلاح جاهين ويعرف كيف كان يقرأ هلسا لا يستحق.
تاسعا: لأن الشئ بالشئ يذكر، فى مبادرة مميزة هذه السنة وهى مبادرة الكتب على بطاقة التموين، المبادرة دى هيكون ليها أثار شديدة على سوق الكتاب ككل فى مصر، أولا: فى جهات غير وزارة الثقافة بدأت تهتم بالثقافة كسلعة، وهذا أمر لو تعلمون عظيم ورائع. كمان المقارنة فى حسابات الناس بين الكتاب ورغيف العيش هتبقى ملموسة، مش بس أن معاك قرشين هتروح تضيعهم فى شرا كتاب. ثالثا: قابلت مثقفين مكنوش يعرفوا أو يدركوا قيمة الدعم الهزيل الذى تقدمة الدولة للناس عندما يتم وضعه أمام الكتاب. يعنى كتاب بخمسين جنية لو أشتريتة ببطاقة التموين يعنى حرمت أسرة من أربعة أفراد من رغيف العيش المدعوم أم شلن لمدة شهر كامل. مستوعبين خطورة الموقف وروعتة.
عاشرا وأخيرا: الفكرة وراء الجماهرية والشهرة وحتى أرقام المبيعات هى العثور على قارئ. أعثر على قارئك وتعالى زى ما أنت عاوز على البست سيلر والهلس بكافة أشكاله الأدبية.

No comments: