عن معنى التدجين :2: لعبة الكراسى الموسيقية




كنت أريد أن أكتب هنا عن معنى التدجين وبالفعل كتبت حوالى 800 كلمة، حتى علمت أن وزير الثقافة جابر عصفور أختار (وحط تحت أختار دى شويه خطوط)(وفى قول أخر أنتدب) حلمى النمنم لرئاسة دار الكتب والوثائق القومية، كان رد فعلى أن جابر عصفور يعين (أو ينتدب) قيادات وزارة الثقافة على هواه ويختار من قائمة جاهزة فى درج مكتبة وحدث أنه فى اليوم التالى مباشرة قرأت أن د. عبد الناصر حسن سيتولى هيئة قصور الثقافة، انتظرت حتى تم تأكيد الخبر، وعندها نقلت الـ800 كلمة لمكان أخر وقررت الكتابة عن معنى التدجين من الحادث هنا والأن.
تولى صابر عرب رئاسة دار الكتب والوثائق القومية سنه 2005 الى 2011، وعندما تولى وزارة الثقافة خلفا لد. شاكر عبد الحميد، كان أول تغيير فى قيادات الوزارة قام به عندما تولى وزارة الثقافة من نصيب د. زين عبد الهادى رئيس دار الكتب والوثائق القومية التالى له، عندما انهى انتدابه من الهيئة بسبب تأخر خطاب الموافقة على انتدابه من جامعة حلوان، وكلف ليلى جلال رئيس دار الكتب بباب الخلق للقيام بمهام أعماله، حتى آتى د. عبد الناصر حسن من عمادة كلية الآداب بجامعة عين شمس ليتولى المنصب.
أقال علاء عبد العزيز وزير الثقافة الأسبق المحسوب على الإخوان فى عهد الرئيس المخلوع مرسى، د. عبد الناصر حسن من دار الكتب والوثائق القومية، ووضع بدلا منه د. خالد فهمى (وهو بالمناسبة أحد تلاميذ د. عبد الناصر حسن فى جامعة عين شمس). بدون الدخول فى تفاصيل فترة د. خالد فهمى، فعندما تولى صابر عرب وزارة الثقافة بعد 30 يونيو المجيدة أعاد د. عبد الناصر حسن الى منصبة السابق.

كان ثاني[1] تغيير فى قيادات الوزارة قام به د. جابر عصفور هو أختيار حلمى النمنم لرئاسة دار الكتب والوثائق. حلمى ظل لفترة طويلة نائب الرئيس للهيئة المصرية العامة للكتاب. والجدير بالذكر أن دار الكتب والوثائق القومية انفصلت حديثا عن هيئة الكتاب سنه 1993 ، بمعنى أن حلمى ليس غريبا عن الدار خصوصا أن مقر الهيئتان حتى الأن واحد، وتولاها قبل جابر عصفور (حسب الموقع الرسمى للدار) وسمير سرحان وصلاح فضل.
د. عبد الناصر حسن تولى هيئة قصور الثقافة (والتى يبدوا أنهم يحاولوا إعادة اسمها القديم؛ الثقافة الجماهرية، وهو يعنى الكثير فى  السياسات ولكن ليس هنا المجال لبيانه) خلفا لـ سعد عبد الرحمن والذى جدد له صابر عرب ثلاثة أشهر عند أنهاء مدته القانونية ولقرب انتهاء مدته أقامت الهيئة مسابقة لشغل الوظيفة المنتظرة وفاز بها أبن من أبناء الهيئة مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للتدريب بهيئة قصور الثقافة ومنتدب علي الإدارة المركزية للدراسات والبحوث ولكن لسبب غامض لم يتول المنصب حتى جاء د. عبد الناصر حسن.
من ضمن آليات العمل فى الحظيرة وأسلوب معتمد لتدجين المثقفين هى لعبة الكراسى الموسيقية؛ وهى عبارة عن بضعة كراسي عددها أقل من عدد اللاعبين بواحد ويدور حولها الأعبين أثناء مقطوعة موسيقية وعندما تقف الموسيقى يجلس اللاعبون فجأة ويخرج اللاعب الذى لا يستطيع الجلوس ويلعب الباقى نفس اللعبة بدورة أخرى ويظل اللاعبون هم هم، هكذا الحال فى لعبة المناصب فى وزارة الثقافة قائمة جاهزة ومعتمدة بأسماء وشخصيات لن تخرج منهم المناصب فى وزارة الثقافة. هذا الأسلوب قديم ولو سردت لك قارئي العزيز كيف يلعب الوزير الذى هو لسان ويد السلطة فى تدوير المناصب بين القيادات فى وزارة الثقافة منذ بداية عهد فاروق حسنى ستندهش. ما سردناه هنا هو نموذج صغير لحركة المناصب فى الوزارة. وأى متابع جيد سيزودكم بحكايات أكثر طرافة[2] . سنبين فى ملحوظات قليلة ماهية خطورة لعبة الكراسى الموسيقية على الوزارة والثقافة التى تنتجها وتديرها:
1-      مع أحترامى لحرف الدال الذى يسبق كل أسم، و ثقافة الشخصية أو حتى نفوذها داخل الوزارة نفسها، لكن كل تلك الأشياء لا معنى لها فى إطار تدوير المناصب، فماذا تفيد ثقافتك العالية وتاريخك الأكاديمى أو حتى رؤيتك للتطوير أو للإصلاح (وهو أضعف الأيمان) وأنت حافظ مكانك بالمصالح والتربيطات والصلات؟
2-      وكأن للمؤسسات الثقافية الحكومية سر كهنوتي ينبغى الحفاظ علية بين كهنة المعبد, شبكة مصالح مستقرة ومرتبة، هشة وتتماسك فقط من رأسها، لذلك تحاول الحفاظ على رؤوسها لتظل قائمة.
3-      طبعا وبديهيا لن يكون هناك مكان للشباب، لا تعنى لهم الثورة أى شئ!  طرح أسماء ووجوه وشخصيات جديدة سيخلخل الشبكة الهشة وهو أولى خطوات التغيير وأولى خطوات هدمهم وإزاحتهم من المشهد السائد.
4-      لعبة الكراسى الموسيقية تساهم بقدر كبير فى مشكلة المركزية التى نحاربها ونعانى من أثارها فى كل شئ.
5-      نظام الانتداب نظام فاسد ملئ بالعوار أبسطها أن شروط المرشح للمنصب مفصلة تقريبا على العاملين بالوزارة، يذكرني بفترة من تاريخ مصر كان الخليفة العثماني يعين والى مصر لمدة سنه وفى نهايتها يخلعه، ولو رضا عنه يمد له فترة ولايته أخرى أو عدة أشهر.
6-      من يريد أن يسألنا أين التدجين؟ وأين الحظيرة؟ .. فلينظر بنفسة للأسماء الباقية؟ النظام لا يهمه ان يدخل موظف صغير بإدارة صغيرة فى أحد الهيئات الى الحظيرة أو يحاول تدجينه، بالعكس هو يحتاج أسماء مؤثرة قويه يطويها تحت جناحه تدافع عنه وقت اللزوم وتذهب الى مرشح رئاسي بعينة تسانده أو تبرر ألاعيبه وتقدمها للشعب الغلبان فى ثوب مزركش بالمصطلحات الثقافية البراقة.
7-      للأسف قيام هذه شبكة يطبع الجهاز الأدارى للمؤسسة بالتراخي والتخاذل وضمان بقاء سرقاتهم الصغيرة طي الكتمان وإحباط متنامي لعدم وجود إى نية أو حركة للإصلاح
8-      أنا - كاتب المقال- لست جهة محاسبة؛ بمعنى أنى لست مسؤولا عن تقديم أدلة عن فساد هذا أو ذاك، أنا فقط أوضح وأبين فساد النظام الذى مازلنا نطالب بإسقاطه منذ 25 يناير 2011، وأقول: بالضرورة المنخرط فى هذا النظام يلطخ نفسة بالفساد، بل هو فاسد بالضرورة، لأن ببساطة النظام يختار أفرادا بعينهم يضمن ولائهم ويوافق ضمنيا على سير العمل بنفس الطريقة القديمة


[1] أول تغيير قام به فى المجلس الأعلى للثقافة بعد استقالة د. سعيد توفيق من أمانه المجلس
[2]  ملف المناصب بين مكتب الوزير وصندوق التنمية الثقافية أكثر طرافة ولكن لن يتسع المجال لذكرة الأن

No comments: